صراع بين المترجلات والمتأنثين- للشيخ حاتم الحجاجي

صراع بين المترجلات والمتأنثين

 

       ظاهرة بشعة منكرة، مخالفة للشرع والعقل والفطرة السليمة، وبعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام وقيمه العالية الرفيعة، ومما يؤلم ويحزن ويثير الاشمئزاز انتشارها في مدارسنا؛ ألا وهي ظاهرة تشبه الرجال بالنساء والعكس، ويسمى أصحابها في لهجتنا الدارجة بـ"البناتي" لمن يتشبه بالنساء، و"البوية" للبنت المسترجلة.

 

       وفي الكلام حول هذا الأمر يجدر التذكير أولًا بأن هذا الفعل منكر عظيم وكبيرة من كبائر الذنوب، وقد أجمع العلماء قاطبة على تحريم تشبه الرجال بالنساء فيما اختصصن به وتشبه النساء بالرجال فيما اختصوا به؛ فالفوارق بين الرجل والمرأة الجسدية والمعنوية والشرعية ثابتة قدرًا وتكوينًا، قال تعالى: {وليس الذكر كالأنثى}، وأخرج الإمام البخاري في (صحيحه): «أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال»، وفي معنى هذا الحديث ثبتت نصوص أخرى فيها الوعيد الشديد لصنفي الذكور والإناث عند تشبه أحدهما بالآخر، واللعن: هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، فأي مسلم عاقل يرضى لنفسه هذا الوعيد الشديد؟!!

 

       ثم إن في التشبه خروجًا عن الفطرة السوية لكل من الرجال والنساء، وتعديًا إلى ما لا يحل شرعًا ولا عقلاً ولا عرفًا، ولا يفعل ذلك -سواءً كان ذكرًا أو أنثى- إلا من ضَعُف أو انعدم إيمانه، وانتكست فطرته، وانحرف قلبه، وصار يفضل الرذيلة على الفضيلة وأكل العذرة على أكل ما طبعه الله على أكله، فما أقبح حال من يغير فطرته التي فطره عليها أحسن الخالقين ورب العالمين!!

 

       ولعل من أسباب انتشار مثل هذه الظواهر السيئة: ضعف الوازع الديني، وإهمال الوالدين لتربية أولادهما، والتقليد الأعمى للغرب، واتخاذ مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي قدوات في الحياة.

 

       وللأسف الشديد أن التساهل في علاج هذه الظاهرة والتهاون في اتخاذ الأسباب الجالبة لهذا البلاء آل إلى أن تصبح مرضًا معديًا يصعب الشفاء منه؛ إذ أن صاحبه يتعرض لصراع داخلي يتمثل في مصارعة الميول الشهواني مع الخلقة التي خُلق عليها.

 

       وحسبك بذلك سوءًا أن المتشبه محتقر بين أهله وجيرانه وأصحابه وعموم الناس، ويكون غرضًا رخيصًا يتطلع إليه زبالات المجتمع لاستغلاله ثم يرمونه رمي القمامة، كما أنه من أعظم العقوق للوالدين والكسر لقلوبهما، ويلزمهما نظرة العار والدون بين الناس.

 

       فعلى كافة أفراد المجتمع بمختلف أصنافهم التعاون على القضاء من انتشار مثل هذه الظواهر السيئة التي تعتبر وبالًا عليهم، فانتشار المعاصي من الأسباب التي تؤدي إلى ضعف الأمن وتبدل الحال وغلاء الأسعار وانتشار الفتن، قال الله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}، وقال سبحانه وتعالى: {وضرب الله مثلًا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدًا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون}.

 

 

وكتبه/

أبو محمد حاتم بن علي محمد الحجاجي

20 / محرم / 1438هـ

21 / أكتوبر / 2016م