العلامة ابن عوف كوني ضيفاً كريماً على مملكة البحرين

العلامة ابن عوف كوني ضيفاً كريماً على مملكة البحرين

أثلج صدورنا خبر مقدم عالم من علماء السنة، وأحدُ بقايا علماء اللسان العربي السائرين -فيما نحسب- على منهج السلف الصالح، وهو فضيلة الشيخ العلامة الُلغوي الفقيه المالكي ابن عوف بن عمر كوني، بوركينايِيُّ الأب، ماليُّ الأم، نزيل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد سنة 1371 هــ، 1951م، نشأ على حب العلم مذ نعومة أظفاره، ففي السادسة من عمره أتم قراءة القرآن قراءةً مجودة، ثم انضم إلى مدرسة في دار سكناه، والتي كانت تُدار من قبل الحاج محمود يوسف سانقو، فتلقى فيها مبادئ علوم اللغة والفقه المالكي، ثم رحل إلى بلد أخواله فتعلم على أحد علماء مالي، وهو الشيخ أبوبكر دَنْبَ واقِي، -وكان بصيراً بالفقه المالكي-، وتعلم على يديه العقيدة الأشعرية، وقد كان سبباً في حث الشيخ على الاستمرار في طلب العلم على يد الشيخ الأمين الشنقيطي رحمه الله قبل أن يره، وذلك لـمَّا وقف على فتوى في (حكم الصلاة على الطائرة)، فقال: ÷هذه الفتوى غاية في موضوعها، والذي أفتى بها أهلٌ لأن يؤخذ عنه العلم×، فاشتد حادي الشوق عند الشيخ لمهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقويت همته للرحلة وتلقي العلم على فضيلة هذا العالم، فيسر الله ذلك بالقبول في الصرح الشامخ الجامعة الإسلامية، وتهيأت الظروف لملازمة فضيلة الشيخ العلامة محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي، وتحققت الأمنية، فلازم دروسه في التفسير وفي شرح مراقي السعود في الأصول، وكان  كثيراً ما يطرح عليه مسائل في علوم العربية والفقه والأصول.

وقد شكل الشيخ الأمين نقلة نوعية للشيخ ابن عوف فتأثر به كثيراً، فعنه أخذ عقيدة السلف، وأدرك هشاشة عقيدة الأشاعرة؛ بما يسمع من الشيخ الأمين من حجج عقلية ونقلية والانتصار لمنهج السلف، ولازمه حتى توفي.

ومن الشيوخ الذين لازمهم فضيلة الشيخ محمد المختار بن أحمد الجكني الشنقيطي، والعلامة أحمد محمد حامد الحسني الشنقيطي، ومن العلماء الذين استفاد منهم وحضر مجالسهم: إمام العصر العلامة ابن باز، ومحدث العصر محمد ناصر الدين الألباني، ومحدث المدينة حماد الأنصاري، وغيرهم كثير رحم الله الجميع.

والشيخ رحمه الله قد سخر نفسه لنفع طلاب العلم وإفادتهم، فبيته في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرٌ بشكل يومي بدروس في مختلف الفنون، وله أُسلوب بديع في استيعاب ذلك؛ حيث يأتي الطلاب إليه مجموعات، يقرأ كل الكتاب الذي يناسبه، فإن فرغوا أتت المجموعة الثانية وهكذا، وللشيخ إسهامات مباركة في قنوات التواصل؛ وتنقل بعض دروس الشيخ لمختلف البلدان بشكل مباشر.

وقد أُوتي الشيخ رحابة صدر، ودماثة خُلق، وتواضع جم، وبراعة في التدريس، وحسن أسلوب في حل المشكلات، والجواب عن الإيرادات، واستحضار للشواهد اللغوية، ولا تكاد تُمل مجالسته.

وللشيخ مؤلفات مطبوعة على غاية من البراعة والذوق الأدبي الرفيع، تفوح عناوينها عبيراً، ومما طُبع منها:

  • جوب جوف الفرى بشرح وإعراب لامية الشنفرى لشمس الدين بن مالك.
  • علو الكعب الأدبي شرح وإعراب قصيدة كعب بن زهير الصحابي (بانت سعاد).
  • فصول في أصول لعلم اللغة العربية.
  • إيلاء الجميل بالكشف عن وجه ألفية ابن مالك الجميل.
  • التمكين بالمساس شرح متن البناء والأساس في علم الصرف.
  • تسريج إضاءة الحقيقة وتفريج إفاضة الدقيقة من تبيان حكم الاجتماع في دعوة العقيقة. طبع الجزء الأول.

ومن مؤلفات الشيخ التي هي تحت الطبع:

  • النَّيِّرُ المرقوم مِن شرحِ متنِ ابنِ آجُرُّوم.
  • لُمْعَةُ البيان شرحُ تُحْفةِ الإخوان في عِلْمَيِ المعاني والبيان.
  • مُوسَعُ المَراغة بخبايا مُوجَزِ البلاغة.
  • العَبْقَرِيّ في شرحِ متنِ الأخْضَرِيّ.
  • الوَمْضَةُ اللُّؤلؤيّة شرحُ الشَّذْرةِ الذّهبيّة.
  • منحة الإعتاب بشرح مُلحة الإعراب.

وقد كنا نترقب الإعلان عن خبر مقدمه لأبنائه في مملكة البحرين، فشكر الله له إجابة الدعوة، وشكر لإدارة الأوقاف السنية الموافقة على إقامة برنامجه العلمي، وشكر الله لكل من كان سبباً في إقامة هذا البرنامج.

وختاماً: حُق أن يُستفاد من مجيء هذا العالم إلى بلادنا، فهلموا يا طلاب العلم، أدركوهم قبل أن تفقدوهم، فوجود العلماء نعمة لا يقدر قدرها إلا من ذاق حلاوة العلم، نسأل الله أن يوفقنا للاشتغال بالعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

                                                      كتبه

                                                      د. صلاح بن محمد موسى الخلاقي

                                                      13 شعبان 1444 هــ 5/ 3/ 2023م