رسالة إلى عروس

سلسلة رسائل دعوية (٧)

رسالة إلى عروس

 

- العروس هو اسم للمتزوج ليلة الدُخلة: رجلاً كان أو امرأةً ، وليلة العرس هي أول ليلة يبني عليها العروس لبنات حياته الأسرية، ومنها تنطلق قِوام مسؤولياته، ويؤسِس قواعد بنيان داره،{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [التوبة : 109]،

وقد انهارت كثير من البيوت؛ بسبب ما قامت عليه من فساد الحال مذ أول ليلة، أو التهاون والسماح بمنكراتها؛ بحجة أنها ليلة العمر، فيُستباح فيها ما لا يُستباح في غيرها، وما حملهم على ذلك التهاون إلا ضعف الوازع الديني الذي يزين لهم الأخذ من الشرع بما يوافق أهواءهم وترك ما يخالفه، ومن أعظم الأسباب أيضاً ما آلت إليه كثير من الأعراس في عصرنا الحاضر من انتكاسات في المفاهيم، حتى صار ما يُقام في الأفراح من المنكرات معروفاً، ومَا تُـرِك لإنكار الشرع له منكراً؛ لكونه لا يواكب مجريات الساحة المليئة بمظاهر التشبه بالغرب ، بل صار كثير من الناس يتنافسون في استجلاب أسوأ عادات الغرب ومخالفاتهم، فإياك والسعي لرضا الناس فــ«من أرضى الناس بسخط الله، وكله الله إلى الناس، ومن أسخط الناس برضا الله كفاه الله الناس» كما قالت الصديقة بنت الصديق.

- وانطلاقاً من هذه الحيثية، وحرصاً على استقامة البيوت وصلاحها مذ أول يوم، -خصوصاً أننا في موسم تكثر فيه الأعراس- أحببت أن أزف إليكَ أخي وأختي العروس هذه الوصايا والدروس، المحفوفة بأرق التحايا وأصدق الدعوات: أن يبارك الله لكما ويبارَك عليكما ويجمع بينكما على خير، فإليك هذه الوصايا، واستعن بالله على الأخذ بها، والصبر على الأذى الذي تجده من أجل الاستقامة عليها، فأقول مستعيناً بالله:


x إياك والإسراف في بطاقات الدعوة، تلك البطاقات التي صارت ملازمة للعرس، ملازمة العقد!! وصار الناس يتضاهون في طريقة تصميمها ومونتاجها.


x لا تتخذ المهور محلاً للمفاخرة، ولا مرتعاً للمتاجرة، فالمغالاة في المهور سبب لمحق البركة، قال ﷺ: (إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة).


x حذِّر من التبرج والسفور الذي يحصل من النساء ليلة الزفاف؛ فإنه من أبرز مظاهر العرس، وأكبر مجامعه، والواجب الحذر من هذه الظاهرة التي تنوعت النصوص في الوعيد عليها، وهي بوابة الشرور والآفات التي تعتري كثير من النساء.


x تجنب الاختلاط بالنساء الأجانب فإن ذلك محرم شرعاً، ودخيل على أعرافنا القويمة، وقد تنوعت صوره وأشكاله، حتى صار مقنناً في كثير من الأعراس بحيث يدخل العروسين إلى قاعة النساء، ومنه ظهور العروس كاشفة محاسنها ومظهرة مفاتنها في ثوبها الأبيض الطويل، تفوح روائحه لغير محارمها من الرجال الأجانب، وهذا علاوة على كونه لون من ألوان الاختلاط المحرم، فهو من قبيل التشبه المذموم والتبرج المحرم.


x تيقظ مما يجري عادة في محلات (الكوافير) من مبالغات واطِّلاع على العورات، ومجاوزة لحدود الشرع مما يقومون به من النمص: -وهو إزالة شعر الحاجبين-، فقد قال رسول الله ﷺ: (لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله)، و(الواصلة والمستوصلة)، ومن هذا القبيل الصبغ بالسواد، والسرف في اللبس والزينة.


x إياك والغناء المصحوب بآلات اللهو والمعازف، فهو وإن كان عند كثير من الناس من البروتوكولات التي لا يتم لهم عرس إلا بسماع أنغامها الماجنة وألحانها الصاخبة، إلا أنه حرام وكبيرة من كبائر الذنوب؛ إذ ينبت النفاق في القلب، وهو بريد الزنا ، ومدعاة للرقص والسفور، ومطية للفجور، ولم يبح الشرع منه إلا الدف للنساء في العرس خاصة.


x التصوير فتنة العصر، وقد لعن رسول الله ﷺ المصورين ، واعتبرهم شرار الخلق، وله من المفاسد والمضار على الفرد والمجتمع في دينه وأخلاقه، وفي دنياه وسلوكه، وفي سائر أحواله وشؤونه؛ فكم هدمت بيوت بسببه، بذيوع تلك الصور وانتشارها في وسائل التواصل بشكل هدم حبل الزوجية من أساسه.


x وليمة العرس سنة، قال ﷺ : (أولـِم ولو بشاة)، فحذار من الإسراف؛ فالنعم لا تدوم إلا بالشكر، وإياك والتكلف المفرط الذي يؤول إلى التفريط بهذه السنة، وإياك والتباهي الذي يؤول إلى دعوة الأغنياء دون الفقراء؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ).


x تجنب العادات السيئة كلبس الدبلة ، وما يُسمى بـشهر العسل، واجعل أيامك مع أهلك كلها عسل، واعلم أن هذه العادات استجلبها المترفون، ثم صارت عادة استمرأها أصحاب الدخل المحدود ولو كلفهم تحمل الديون، وفي ذلك من التكلف وتقليد غير المسلمين، والسفر إلى بلد الكفر، وتضييع للأموال في غير محلها، وغير ذلك من المفاسد التي يُدركها كل عاقل.

 

 

- أسأل الله أن يعينك على الأخذ بهذه الوصايا، ويجعلك مباركاً حيثما كنت، ويجعلك ممن أسس بيته على تقوى من الله ورضوان، وممن يسعى إلى تصحيح المخالفات التي عليها كثير من الأعراس، فتكون مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

كتبه
    د. صلاح بن محمد بن موسى الخلاقي
١٧/ ١٠/ ١٤٤٠ هــ ٢٠/ ٦/ ٢٠١٩م

تحميل الملف المرفق: