الى مربي الفصل - الشيخ د.صلاح الخلاقي

الى مربي الفصل

تعتبر المدرسة بيت الطالب الثاني،
فالأصل أنها محضن ثقافته،
ومحطة من المحطات التي يتزود منها في بناء شخصيته وتنمية معارفه،
▪فمكثه فيها قد يربو على مكثه مع والديه، ومظاهر سلوكه ومكنون قدراته قد يتم اكتشافها قبل ولي أمره، وعماد نجاح المدارس بالمعلم المربي الذي يكون سبباً في صلاح وإصلاح أبناء مجتمعه، وحيث أننا في زمن غابت فيه كثير من هذه المعاني في مدارسنا، فقد رغبت أن أبعث ثمان وصايا لنفسي المقصرة في هذا الجانب، ولكل معلم مربٍ حريص على أداء وظيفته على الوجه المرضي:

1 • استحضر أن المدرسة مرتع خصب لإحياء الأخلاق الحميدة والشمائل الكريمة، ولغرس القيم الإسلامية، ومحلاً لتهذيب العواطف، وضبط رغبات النفس، فإن رُزقت بمثل هذا الجو فاجتهد في نشر الخير ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.

2  • أخلص في عملك لله ، واحرص على نيل رضاه، واحذر كل الحذر من السعي لطلب ثناء الإدارات، أو صرف وجههم إليك، أو تحصيل حوافز أو جمع نقاط ومكاسب دنيوية، فإن حصل لك شيء من ذلك من غير مسألة ولا استشرافٍ يؤثر على مستوى أدائك الحقيقي فعاجل بشرى المؤمن، وإلا فالله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

3 • تحل بصفات المعلم القدوة : الذي كمُلت أهليته، وتحققت شفقته، وظهرت مروءته، وعرفت عفته، واشتهرت صيانتُه، وكان أحسن تعليماً، وأجود تفهيماً، وكن ذا رغبة صادقة في التعليم، ورعاً سمحاً سخياً رحب الصدر رحيماً رفيقاً صبوراً على معاناة التعليم، حسن الخلق، حسن المظهر، حسن المنطق، دائم البِشر، جامعاً للديانة والأمانة والصيانة والرزانة.

4  • اسع في تقريب المعلومة في أيسر طريق، ونوِّع في وسائل التعليم واستراتيجياته، واستفد من الوسائل الحديثة، ومن تجارب الآخرين، وتدرج في إيصال المعلومة، وراعِ الفروق الفردية بين المتعلمين ومستوياتهم وأعمارهم، وتابع أعمال طلابك، ولاحظ باستمرار مدى تطورهم، وإياك وتجاهل جهودهم وأسئلتهم.
 
5   • كن ملماً بتخصصك، واسع الاطلاع فيه، حريصاً على تهيئة المتعلم، وتنمية رغبته، واعلم أن مدار معوقات التعليم على انعدام الدافعية وتدني في جانب السلوك، ما يولد الملل والسآمة وسلوكات منحرفة، ولذلك من جمع الله له بين التوفيق والحرص وتقدير الآخرين هانت عليه كل معوقات الطلب.

6  • اهتم بجانب تقويم سلوكيات المتعلمين، فهو أساس عملك، وعليه مدار نجاحك وتقدمك، ونوع في أساليب التربية باستعمال الترغيب تارة والترهيب تارة، وتجنب الأساليب التي تولد الكراهية والنفرة، كالعنف الشديد والزجر المستمر والهجر الطويل، واجعل عقوبتك محفوفة بالشفقة، وحزمك محاطاً بالرأفة، وعليك بالعدل بين الطلاب، فهو لازم كما هو الحال بين أبناء الأصلاب.

7 • كن لطلابك بمثابة الطبيب: و«من لم يحسن أن يكون طبيباً لنفسه، لم يصلح أن يكون طبيباً لنفس غيره، ومن لم يحسن أن يؤدب نفسه، لم يحسن أن يؤدب نفس غيره» كما قال الآجري رحمه الله.

8  • ضع بصمتك في نفوس طلابك، فلمساتك هي الصرح الذي يبنون عليه علمهم وعملهم في المستقبل، فأعِدَّهم لصلاح البلاد ونفع العباد وخدمة الدين والوطن، واجعلهم مثالاً يحتذى به للمواطن الصالح.وبعد هذه الوصايا استمر في وظيفتك، ولا يثنيك ما تجدهمن أذى طالبٍ،أو تعدي ولي أمرٍ،أو عدم تقديرإدارة،بل إن ابتلاك الله بمن يتتبع عثراتك،أو يرصد سقطاتك فاستحضر

قوله تعالى: (إن ربك لبالـمرصاد)،

 واحرص على أن لا تنتقم لنفسك ، فالله حسيب الجميع.  

وفي هذا القدر كفاية وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

كتبه
د. صلاح بن محمد موسى الخلاقي
10/ربيع الأول/1441 هــ 7/11/2019م

تحميل الملف المرفق: