الاحتفال بالأعياد بين الاتباع والابتداع - للشيخ د. صلاح الخلاقي

 

 

الاحتفال بالأعياد بين الاتباع والابتداع

 

العيد من جملة الشرائع والمناسك التي اختصت بها الملل والأمم؛ فلكل أمة عيداً يتميزون به، وهو بمثابة شعارٍ يعتزون فيه، ولواءٍ يفتخرون برفعه، فهو وإن كان موسماً لإظهار الفرح والسرور والبهجة والحبور إلا أنه شريعة وشعيرة لا تنفك عنه نية الطاعة والقربة، وعليه فعند ذلك شعار المسلمين ما رسمه لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم من قوله: (إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا) رواه البخاري.

ولما فقد بعد أبناء الأمة هويتهم واستقوا من الكفار شيئاً من أعيادهم، صارت الأعياد التي لا أصل لها في دين الإسلام كثيرة ومتنوعة، حتى عُرِّبت جل أعياد الكفار، فكانت مشاركة المتشبهين في ظاهرهم بتلك الأعياد تورث تناسباً وتشاكلاً يقود إلى موافقتهم في الخِلال والأعمال.

ومن أغرب الأعياد التي تبع فيها بعض المنتسبين للإسلام غيرهم تلك الأعياد التي حددوا فيها يوماً للاحتفاء والتقدير والولاء، كالاحتفال بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم واليوم الوطني وعيد الأم ونحو ذلك مما يخادعون به أنفسهم من أن ذلك علامة على صدق محبة الرسول صلى الله عليه وسلم والوطن والأم ونحو ذلك، وإيجاب الحب والولاء في مثل هذا لغو لا فائدة منه سوى متابعة من لا خلاق لهم فيما أحدثوه، ومتابعة أهل الأهواء فيما ابتدعوه؛ فإن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم  الحقيقية تكون باتباع أوامره واجتناب نواهيه، قال سبحانه: ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعون يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم))، وكذلك الوطن الإسلامي محبته من مقتضيات الخلقة، لا بتلك الشعارات التي قد يرفعها من يُكِن العداء للوطن وأهله، وهكذا محبة الأم وإجلالها والبر بها، وعليه فهي في غنية عن تخصيصها بيوم دون سائر الأيام.

وهذه لفتة لطيفة أحببت أن أروم من ورائها إلى تأكيد ما قرره شيخ الإسلام رحمه الله من أن «الأعياد شريعة من الشرائع فيجب فيها الاتباع، لا الابتداع»، فيجب على المسلم أن يتمسك بمصدر عزته ورفعته في الدنيا والآخرة، كما يتميز بهويته الإسلامية عن الولع بما عليه الغرب ومن سار على منوالهم. وفق الله الجميع لما فيه مرضاته في الدارين، والحمد لله رب العالمين.

 

كتبه

د. صلاح محمد موسى الخلاقي