اجعل عيدك موافقاً للسنة - للشيخ محمد كليب

                                                                   بسم الله الرحمن الرحيم 

                                (اجعل عيدك يوم فطرك موافقاً للسنة)

الحمد لله على نعمه العظيمة، وحكمه القويمة، وآلائه الجسيمة، والصلاة والسلام على خاتم الرسل أجمعين، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن اقتفى أثرهم وسلك دربهم إلى يوم الدين..

أما بعد:-

أخي المسلم: انقضى شهر الخيرات والرحمات، فهنيئا لك إن كنت ممن قامه واغتنم ما فيه من بركات، وهنيئاً لك إن كنت ممن غفر له الرحمن ما تقدم من السيئات،  وهنيئا لك قدوم عيد الفطر لتظهر به خالص الفرحات، فهو عيد شرعه الله؛ فرحاً بإتمام نعمة الصيام، وتصفية للقلوب من الأسقام، يوم مبارك في كل عام، فاغتنم بركته والتمس ما فيه من الخير كما كان يفعل سيد الأنام، محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام وصحابته الغر الميامين الكرام، فقد كانوا  يستقبلونه بقلوب نقية طاهرة، وألسن لله ذاكرة، ولنعمه شاكرة، مهللة ومحمدة ومكبرة.

تذكر أخي المسلم أنك في يوم عظيم، يوم فرح وسرور وتجارة رابحة لن تبور، فابدأ بتكبير الله وحمده والثناء عليه منذ غياب شمس آخر يوم من رمضان؛ استجابة لنداء ربك حيث قال: "ولتكملو العدة ولتكبروا الله على ماهداكم ولعلكم تشكرون" [البقرة:185]، واقتداء بسنة نبيك –صلى الله عليه وسلم- واتباعا لهديه وهدي أصحابه من بعده، ودم على ذكر الله وطاعته واستغفاره، وتفقد الفقراء والمساكين والمحتاجين بصدقة الفطر التي جعلها الله –عزوجل- طهرة لصومك، ومالك، ونقاء لعملك، وتزكية لنفسك وسببا لفلاحك قال تعالى: "قد أفلح من تزكى ( ) وذكر اسم ربه فصلى" [الأعلى: 14، 15] ولتكن من طعام بلدك كما فرضت "صاعاً من طعام" [رواه البخاري:1506، ومسلم:985] ، ولا تستبدلها نقوداً؛ فتخالف ما كان بين الصحابة معروفا ومعهودا، واذهب بها إلى الفقير والمحتاج وفرج عنه كربته ويسر له حاجته وأدخل على قلبه السرور، فإن من أفضل الأعمال إدخال السرور على قلب مسلم.

تفطر أخي المسلم على تمرات قبل ذهابك إلى مصلى العيد، وقد جاء عن صوم هذا اليوم النهي الشديد، وتطهر وتطيب والبس الجديد، ولا تمنع نساءك أن يشهدن الخير مع  العبيد، وتوجه للمصلى وأكثر من التكبير والتهليل والتحميد، واستشعر ذلك بقلبك لله العزيز الحميد، وخالف الطريق ذهابا وإيابا، واركع لله ركعتين مع جماعة المسلمين بسبع تكبيرات في الأولى وخمس في الثانية، واحرص عليهما فإن محمدا –صلى الله عليه وسلم- لم يدعهما قط، وبعد إتمامهما أكمل إحسانك، وتفقد إخوانك بالسلام عليهم، والسؤال عنهم، وعن حالهم، وصافحهم، وزف التهاني إليهم، واطلب السماح والعفو منهم، وأظهر البشاشة والسرور في وجوههم، ودع عنك أمراض القلوب: من الحقد، والغل، والحسد، والبغض؛ فإنما شرع العيد لتطهيرها ومحوها، وصل أقاربك وأرحامك وسل عنهم؛ فبصلتهم يصل الخير إليك وبقطيعتهم ينقطع الخير عنك، فهم سبب في زيادة الرزق وطول العمر فـــ "من أراد أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه"  [رواه البخاري: 5986، ومسلم: 2559]، ولا تكن ممن صموا وعموا ولعنوا وقال الله فيهم: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ( ) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم" [محمد:22،23] .

اجعل يومك هذا كله سعادة؛ مبتعداً عن الحرام مكتفيا بالحلال، دع عنك التبذير والإسراف واجتنب أماكن الفساد والملاهي، وتمتع بما شرعه الله لك في هذا اليوم، واحذ حذو سلفك الصالح ومن تبعهم، واجعل عيدك كعيدهم، وفرحتك كفرحتهم؛ تنل ما نالوا من الخير، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على محمد.

                                                    كتبه: أبو أيوب محمد كليب

                                               ليلة عيد الفطر - 1433هـ