أوجه الشَّـبَه بين: جماعة مؤتمر الشيشان القبورية، وجماعة داعش الخارجية - للشيخ محمد كليب

أوجه الشَّـبَه بين: جماعة مؤتمر الشيشان القبورية، وجماعة داعش الخارجية

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

أما بعد:
      فإنه منذ عدة أيام عُقد ما يسمى بمؤتمر الشيشان الذي حظي برعاية شيوعية صفوية، ادعى فيه منظموه أنه يمثل أهل السنة والجماعة وأنه يسعى لجمعهم وإعادة مذهبهم المسروق من قبل من يصفونهم بالوهابية!

     كاذبون في قيلهم وزعمهم! جائرون في تقريراتهم وتوصياتهم؛ إذ إن الحقيقة ليست هذه؛ فإن أهل السنة -ولله الحمد- موجودون، ومذهبهم قائم على قواعد الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، لا يحتاج إلى من يعيده إلى مذاهب خرافية تنتقص الخالق سبحانه فتُبيح الشرك به، وتنكر صفاته وأفعاله، وتتمسح بالستور، وتتلمس رفات الموتى عند الأضرحة والقبور، وتستعبد الناس وتستنزف أموالهم وتذل كرامتهم باسم الأولياء والصالحين، وتقودهم إلى التعصب المذهبي، والولاء الحزبي، والتعبد البدعي المردود المذموم في شريعة الإسلام. كل هذه الأوصاف السيئة جُمعت في كثير من أولئك الذين شاركوا المؤتمر بحضورهم.

      إن ما دعت إليه جماعة مؤتمر الشيشان تبرأ منه السنة وأهلها قولاً وعملاً واعتقاداً؛ جماعة شر دعوا إلى نصرة الباطل وإخفاء الحق، وإظهار البدعة وإطفاء السنة، وإثارة الفرقة ونبذ الاجتماع، والملفت للأنظار أن كثيراً من أوصافهم وأساليبهم التي استعملوها في مؤتمرهم شابهت طريقة ومسلك الدواعش، مهما زعموا التساهل والتنازل عن أصول الدين وفروعه
فمن أوجه الشبه بين الفريقين:

(1)إخراج خلق كبير من المسلمين علماء وعامة من دائرة السنة دون بينة أو برهان: حيث إنهم حصروا أهل السنة والجماعة بطوائفهم المخالفة للسنة المنكرة لكثير مما دلت عليه كالأشعرية، والماتريدية، المغطاة بالصبغة الصوفية، وما سواهم خارج عنها، وليس من أهلها، وهابي متشدد يجب قتله -كما زعم راعي المؤتمر-، وقد تسوقهم هذه الجرأة إلى تكفيرهم وإخراجهم من الإسلام بالكلية، ولا يستبعد ذلك منهم؛ إذ قد قالها أشياخهم من قبل.
والدواعش لهم باع طويل في هذا فكم حكموا على أناس من أهل السنة بالضلال والانحراف، ثم وصل بهم الحال إلى تكفيريهم واستحلال دمائهم وأموالهم كما هو مشاهد اليوم على مرآى ومسمع الخلق قاطبة.

(2)تنقص العلماء واحتقارهم: حيث شنوا في مؤتمرهم هجوماً لاذعاً على بعض كبار علماء الأمة كابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب وآخرين-رحمهم الله- تلميحاً وتصريحاً، واستخدمت عبارات لا تليق ولا ينبغي أن تُقال
وهذا المسلك والمنهج أصل في مذهب الدواعش: يزدرون العلماء، ويحقرونهم، وينفّرون الناس عنهم، ويسفهون آراءهم وفتاويهم.

(3) الغرور والكبر: من شاهد شيئاً من فقرات المؤتمر يرى هذا الوصف جلياً في أشياخ ربما تجاوزوا العقد الثامن من عمرهم لكنهم مغرورون في طرحهم وفي غمطهم للناس وبطرهم للحق
ولا يخفى أن الدواعش عندهم من الغرور والكبر والعجب ما لا يستطاع وصفه؛ مما جعلهم يصرون على ما هم عليه من الضلال، كما وصفهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "تعجبهم نفوسهم ويعجب بهم الناس".

(4) التسرع والطيش والعجلة: من المفترض في أناس اشتعل الشيب على رؤوسهم أن يكونوا أكثر حكمة وتأنياً، إلا أن المستمع لبعض خطاباتهم ومداخلاتهم المطروحة في قاعة المؤتمر يجدها ممزوجة بداء الغضب والعصبية، ملغمة بالتسرع والجرأة في الحكم، لم نشاهدها اليوم في جماعة من الجماعات سوى جماعة داعش وأخواتها من عصابات التكفير الذين قال عنهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان".

 (5) التعاون مع الأعداء ضد المسلمين: عُقد المؤتمر برعاية وتسهيلات شيوعية وثنية صفوية، فمنذ متى كان للشيوعيين والصفويين حرص على جمع كلمة أهل السنة؟! فالمسألة مدبرة، والتعاون بينهم جلي وواضح
وكذا الحال في جماعة داعش الخارجية ما ارتفع صيتها ولاح جرمها إلا بالتعاون مع الأعداء الذين قدموا لها العتاد والعدة وذللوا لها الصعاب لسفك دماء المسلمين.

(6) استهداف بلاد الحرمين -حرسها الله-: جلُّ فقرات مؤتمر الشيبان عبارة عن رسائل هجومية على بلاد الحرمين بخاصة وأهل السنة بعامة
والحال في الدواعش أنهم يكنون العداء الشديد لبلاد الحرمين، بل يكفرونها بمن فيها.

(7) استغلال تفرق المسلمين وضعفهم لتثبيت باطلهم: فهم استغلوا تفرق المسلمين وضعفهم ليفرضوا مذهبهم الفاسد
والدواعش كذلك لم يظهروا إلا على حين فرقة، ولم تقو شوكتهم إلا في بلاد التفرق والاختلاف والفتن، كما قال عنهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يظهرون على حين فرقة".

 (8) يزينون كلامهم بمصطلحات ظاهرها الخير وباطنها الشر والمكر: وهذا ظاهر من عنوان مؤتمرهم ومصطلحاتهم المستعملة كـ (مؤتمر أهل السنة) و(اجتماع) و(لزوم طريق الحق) و(الوسطية) ونحوها مما ظاهره الخير وباطنه إرضاء الأعداء وتمرير مشاريعهم الخبيثة.
وكذلك الدواعش؛ فإنهم يقول من خير قول البرية ويرفعون شعار (لا إله إلا الله) و(إن الحكم إلا لله) ويزعمون الجهاد والدعوة، إلا أنهم كلاب النار وشر الخلق والخليقة. وهذا مصداق وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم: "يقولون من خير قول البرية".

(9) الدعوة لغرس مبدأ الجهل في المجتمعات: إن مناداتهم لعودة بعض المذاهب الخرافية التي سعت في تجهيل الخلق أزمنة طويلة واستعبادهم والتسلط عليهم باسم الولاية- دليل واضح على إرادتهم ضياع الأمة في مستنقع الجهل الذي نجا منه الكثير من أبنائها بعدما تجلت دعوة المصلحين من أهل السنة في الآونة المتأخرة كشيخ الإسلام ابن عبد الوهاب وإخوانه وأعوانه في الجزيرة العربية
ومعلوم أن جماعة داعش حريصون أشد الحرص على إبعاد الشباب عن العلم وإبقائهم في دائرة الجهل؛ ليتمكنوا منهم.

 (10) الغلو والتشدد: لا تغتر أيها المسلم بادعائهم الوسطية فإنهم من أبعد الناس عنها؛ وعندهم الغلو بجميع أنواعه: غلو في العبادات والعادات والمعاملات، وحقيقة الكثير منهم أنهم ممن غلا في تعظيم الموتى، ومن أصحاب القصائد والمدائح الشركية، والصلوات والأذكار البدعية، والموالد والتعصبات والإلزامات المذهبية، لا يرحمون من خالفهم بأية حال وإن كان في جانب الدنيا
وللدواعش منهج يشبههم في الغلو والتشدد والتنطع وإلزام الخلق بالآراء والأقوال الفاسدة.

هذا بعض ما بدا لي عن مؤتمر الشيبان في جمهورية الشيشان، كفانا الله شرهم، وحفظ أمتنا وبلادنا من تآمرهم ومكرهم. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

كتبه
أبو أيوب محمد كليب

28 ذو القعدة 1437هـ