مهلاً يا دكتور ناجي - للشيخ أحمد الشرفي

مهلا يادكتور ناجي

وقفات مع الدكتور ناجي العربي

الحمد لله حمدا لا ينفد ، أفضل ما ينبغي أن يعبد ، وصلى الله على أفضل المصطفين محمد، وعلى آله وصحبه ومن تعبد، أما بعد:  فقد قرأت كلاما للدكتور ناجي العربي في لقاء أجراه معه الكاتب أحمد زمان نشر في صحيفة البلاد يوم الأحد بتاريخ 23جمادى الأولى 1431 هـ المواقف 6يونيو 2010 العدد رقم 600 فعجبت من تلك الجرأة على السلفيين، واستغربت من نسف مذهبهم أجمعين ، وقلت في نفسي ألهذا الحد سيصل البعض من العمى؟ مه ؟ أم إلى هذه الدرجة تؤثر فينا العمامة ؟ أم أنه الإعلام، لا يهمه إلا الإعلام ،والاسهاب في الكلام،ولايبالي أيلام أم لا يلام ؟ فعزمت على البيان لبعض ما سطرته تلك البنان ، مما لابد أن أكون فيه عادلا، وإن لم أعدم فيه عاذلا. ومما زاد عجبي، وقوى مذهبي، أنه ذكر في مقدمة كلامه بأنه ليس من الذين يستغلون مثل هذه الفرص للنيل من الآخرين !! فرأيت أنه لابد من  كتابه هذه السطور، في وقفات مع كلام الدكتور،لعل الحق يحق ،وإن كان على بعض الناس يشق، إلا أنه لابد مما ليس منه بد، وليعلم القارئ الكريم ماذا عند الطرف الآخر (السلفيين ) وهذا من باب الإنصاف، الذي يجب على الصحافة التحلي والبعد عن الإجحاف، كما نسمع مرارا، ونرى تكرارا بما يسمى بــ (الرأي والرأي الآخر) فأرجو أن يكون فعلا، لا أن يكون حرفا أو اسما!!

ولي مع اللقاء الذي نشر عدة وقفات :

الوقفة الأولى : قول الدكتور (... فالتصوف – قلت وأقول – هو الإسلام في أكمل صوره... وإذا أردت أن تعرف ما هو التصوف فخذ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله وتعبده وتعامله مع ربه ومع ذاته ومع الناس... ستجد أن كل ذلك هو التصوف في أطهر صوره وإنه ملازمة للكتاب والسنة وعدم الخروج عنها...) أقول والله ما كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم صوفيا يوما من الأيام ولكن حنيفا مسلما وما كان من المشركين ثم إني سآخذ القارئ الكريم في سياحة سريعة لبعض معتقدات الصوفية حتى نعلم عن قرب شيئا يسيرا عن التصوف، وسأستعرض معك أخي القارئ في هذه الوقفة شيئاً من عقيدة الصوفية في التوحيد ، وفي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والأولياء ، وفي القرآن ، وفي الجنة والنار:

أولاً : عقيدة الصوفية في التوحيد:

إعلم أخي القارئ لو أمعنا النظر في توحيد الله عندهم لوجدنا مايشيب له الرأس ، ولا يخفى على كل ذي لب أن الصوفية ممن يعكفون على الأضرحة والمزارات، ويستنجدون ويطلبون قضاء الحوائج وتفريج الكربات منها ، بل يطوفون وينذرون ويتمسحون بهذه الأضرحة، نسأل الله السلامة والعافية .

والتوحيد عندهم هو وحدة الوجود ، (أي أن الوجود كله واحد وهو الله ، فليس للمخلوق وجود حقيقي بل الله هو الإنسان وهو الحيوان وهو الشجر وهو الحجر وغير ذلك عياذا بالله، وهذه عقيدة خرافية تقلدها أرباب التصوف وأذاعوها ، وإليك ما قاله خاتم الأولياء عند الصوفية – زعموا – ابن عربي حيث قال في قصيدة له :

       الرب عبد والعبد رب **** فليت شعري من المكلف

       إن قلت عبد فذاك رب *** أو قلت رب أنى يكلف

الطواسين (ص51)

     وقال ابويزيد البسطامي (وهو من أشهر شيوخهم) :

      (غبت في الجبروت وخضت بحار الملكوت وحجب اللاهوت حتى وصلت إلى العرش ، فإذا هو خال ، ألقيت نفسي عليه وقلت : سيدي أين أطلبك ؟ فكشف فرأيت أني أنا ، فأنا أنا ، أولي ولا أطلب ، وأنا لا غيري فيما أسير)!! إيقاظ الهمم (ص156)

وأما ابن الفارض فقد كانت له قصيدة يبين فيها اتحاد الخالق بالمخلوق، وقد علق الإمام الذهبي رحمه الله على قصيدته فقال: (فإن لم يكن في تلك القصيدة صريح الاتحاد الذي لا حيلة في وجوده، فما في العالم زندقة ولا ضلال)  سير أعلام النبلاء (22/368)

    وأما الحلاج فهو من صناديد الصوفية القائلين بوحدة الوجود ،حيث قال:

    أنا من أهوى ومن أهوى أنا **** نحن روحان حللنا بدنا

    فإذا أبصرتني أبصرته **** وإذا أبصرته أبصرتنا

 الطواسين (ص 34)

ثانياً: عقيدتهم في الأنبياء والأولياء:

يعتقد الصوفية بأن للأولياء منزلة لم يبلغها الأنبياء والعياذ بالله  بل صرح بعضهم بأن منزلة الولاية أعظم من منزلة النبوة والرسالة !! ، ولهم استخفاف عجيب في مقام النبوة نسأل الله العافية، وإليك البيان :

نقلوا عن البسطامي أنه قال:

(تالله إن لوائي أعظم من لواء محمد صلى الله عليه وسلم , لوائي من نور تحته الجان والجن والإنس , كلهم من النبيين ) لطائف المنن والأخلاق للشعراني (1/12) نعوذ بالله من هذه اليمين الفاجرة. ومن هذا الإفك المبين.

وقال بعضهم : ( مقام النبوة في برزخ  ***  فويق الرسول ودون الوليّ ) .طبقات الشعراني (1/68)

 وقال أبو يزيد البسطامي :

(خضنا بحرا وقف الأنبياء بساحله) الكواكب الدرية للمناوي (2/246)

ولسائل أن يسأل : ما حقيقة الولي الذي فاق كل هؤلاء الأنبياء؟؟ فعندئذ يجيب شيخهم التيجاني فيقول:

 (وحقيقة الولي أنه يسلب من جميع الصفات البشرية ويتجلى بالأخلاق الإلهية ظاهرا وباطنا ) جواهر المعاني (2/76)

إذن الولي عندهم يتجلى بالأخلاق الإلهية !!! فلا يمنع أن تكون بيده الجنة والنار ، يدخل من يشاء ويعذب من يشاء !! ولا مانع من أن يمحوا السيئات ويتجاوز عنها !! ، وأنا لا أقول ذلك إدعاءا وإلزاما فقط ، بل هو عين كلام علماء الصوفية والعياذ بالله.

قال الدسوقي (من الأولياء عندالصوفية ): (أنا بيدي أبواب النار أغلقتها وبيدي جنة الفردوس أفتحتها ، من زارني أسكنته جنة الفردوس) طبقات الشعراني عند ترجمة الدسوقي.

وقال أحد الصوفية : (أنا موسى الكليم في مناجاته ، أنا علي في حملاته ، أنا كل ولي في الأرض ، خلقته بيدي ، ألبس منهم من شئت ، أنا في السماء شاهدت ربي ، وعلى الكرسي خاطبته ، أنا بيدي أبواب النار أغلقتها ، أغلقها بيدي وبيدي جنة الفردوس ... ومن زارني أدخلته جنة الفردوس) طبقات الشعراني (2/181)

    وقال الشيخ أحمد أبو الجعد : (لا يكون الشيخ حتى يمحو سيئات مريده من اللوح المحفوظ) مطالع الأنوار لباسودان (ص319)

ومن الطرائف والعجائب الصوفية ما ذكره الغزالي صاحب الإحياء غفر الله له في شأن الولي وما له من الكرامة ، حيث قال : ( إن من أولياء الله من تزوره الكعبة وتطوف به ) الإحياء (3/25)

أقول : شر البلية ما يضحك !! فمنذ متى رأينا الكعبة قد خرجت من أرض مكة حتى يقال بأنها تزور وتطوف !!

وأما عن كرامات الأولياء عند الصوفية فحدث ولا حرج فإليك بعضها مما أستطيع أن أذكره :

     فالسرقة من كرامات الأولياء عندهم : قال بعضهم: (إن الولي صاحب التصرف يمد يده إلى جيب من شاء فيأخذ منه ما شاء من الدراهم ، وذو الجيب لا يشعر) الإبريز ص195

    وذكر الشعراني في ترجمة شيخ اسمه ابراهيم العريان ..(لأنه كان يطلع على المنبر ويخطب عريانا ..) الطبقات الكبرى للشعراني (2/1 ، وأنبه إلى أني أنزه القارئ الكريم من ذكر تتمة هذه الكرامة

وأقول: إن ما خفي كان أعظم، وكتبهم مليئة بذكر الخنا والفحش من الزنى واللواط وترك الصلوات وإباحة المنكرات والإفطار في شهر رمضان وغير ذلك مما يستقبحه الناس ، فضلاً عن أن يكون مما يباح ، فيصيرونه كرامة للأولياء عندهم نسأل الله العافية.

وقد يتسائل البعض : كيف تكون مل هذه الفواحش والمنكرات كرامات؟؟ (وهذا سؤال كل عاقل منصف )

فيجيبك إمامهم الدباغ  ليسوغ فعل المنكرات للصوفية فيقول :

       (الولي فيما يظهر للناس أنه يعصي وهو ليس بعاص وإنما روحه حجبت ذاته فظهرت في صورتها فإذا أخذت بالمعصية فليست بمعصية ويتصور في طور الولاية أن الولي يقعد مع قوم يشربون الخمر وهو يشرب معهم فيظنون أنه يشرب الخمر وإنما تصورت روحه في صورة من الصور وأظهر ما أظهرت) الإبريز للدباغ (2/430)

ثالثا : شيء من عقيدتهم في القرآن:

القرآن عند الصوفيه أقل شأنا من الغناء الصوفي والسماع ، قال الغزالي : (فاعلم أن الغناء اشد تهييجا للوجد من القرآن من سبعة أوجه) إحياء علوم الدين (2 / 298)

رابعاً : شيئ من عقيدتهم في الجنة والنار :

وقد تقدم كلام الدسوقي وغيره في أن بيدهم مفاتيح الجنة والنار وأن من يزورهم يقتحوا له الجنة !! وأضيف أيضا كلمة قالها الغزالي في إحيائه عند ذكره لأصناف الصالحين ، حيث قال :

( الصنف الأول: الأذكياء : الذين لا يطلبون الجنة!! بل يحتقرونها وإنما يطلبون مجالسة رب العزة. الصنف الثاني: البله : الذين يتمتعون في الجنة بالنسوان والطعام والشراب كالبهائم) الإحياء (4/335) !!!

فإذا كا الأذكياء لا يطلبون الجنة ويحتقرونها فمن هم الأغبياء؟؟!!وإذا كان أهل الجنة كالبهائم وبله (جمع أبله) فكيف بأهل النار؟؟!!

فتأمل أخي القارئ وانظر بعين الإنصاف هل هذا هو الإسلام في أكمل صوره !!كما زعم الدكتور العربي!؟؟ اترك الجواب لكل منصف .

             الوقفة الثانية : قوله (كنت أعرف بأنني لن أفوز وأن الدولة لن تقبل بي عضواً في البرلمان... لكنني وافقت آنذاك نتيجة للضغوط التي مارسها بعض المعارف عليَّ...) أقول هل هذا العلم الجازم من علم الغيب الذي عند الصوفية؟ وخاصة بعد تأكيدة بـ (لن )؟؟!! إذا كان الجواب نعم - ومعاذ الله من ذلك- فلماذا إذا انفاق تلك الأموال الطائلة في الدعايات الانتخابية مع العلم المسبق بعدم الفوز؟؟!! وإن كان الجواب لا – وهو الذي نظنه فيه - فهل( العالم) يخضع لضغوط الشارع من معارف وغيرهم مع عدم اقتناعه بها؟؟ خاصه أن الدكتور قال في نفس اللقاء( نحن نقول إننا لا تحركنا السلطة، كما إن الشارع لا يحركنا أيضاً) !!

الوقفة الثالثة : قوله (بيننا وبين بعض مشايخ الصوفية هو خلاف شخصي) أقول إن المؤمن يجب ألا يكون خلافه مع الآخرين خلافا شخصيا للذات والنفس بل يجب أن يكون لله وحده كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ) وأما استدراكه بعد ذلك بقوله ( وهو ليس خلافا على دنيا ) فلا يفيد لأن الخلاف إما أن يكون على دين أو على دنيا والخلاف الشخصي من الدنيا .

الوقفة الرابعة : قوله ( وأصبحت فتاوى علماء السعودية مقدمة عند البعض على فتاوى الأزهر الشريف) أقول من هؤلاء الذين وصفتهم بـ ( البعض )؟ تقليلا من شأنهم ؟ وما الضير في ذلك أليسوا علماء أجلاء ولهم فضلهم الذي لا يخفى ؟؟!! أنسينا أن بلاد الحرمين الشريفين مهبط الوحي؟؟ أم نسينا فضلهم على العالم أجمع في نشر الكتاب والسنة والدعوة إلى الإسلام؟؟ ثم إن الحرمين الشريفين أولى بوصف (الشريفين) من غيرها من بقاع الدنيا كلها.

الوقفة الخامسة : قوله (ونحن اليوم نسعى لتكوين مرجعية إسلامية لأهل السنة والجماعة.) أقول ألم تكفك المرجعيات الإسلامية المعاصرة حتى تقيم مرجعية إسلامية جديدة ؟؟ إن هذا لهو طعن بقصد أو بغير قصد في كل المرجعيات الإسلامية الموجودة الآن ؟ وكأنها لا تصلح  والتي تظم نخبة من العلماء من مشارق الأرض ومغاربها ؟؟؟ وما الجديد الذي ستأتون به ؟؟

الوقفة السادسة : قوله عندما سئل: هل هناك خلاف جذري بين الفكر الصوفي والفكر السلفي؟ (لست من الذين ينتهزون الفرص للانتقاص من أحد أو مهاجمة شخص اختلفت معه في رأي ) أقول : أبعد كل هذا واللمز والتلميح والتصريح في الطعن بالسلفيين كلهم تقول ذلك ؟؟ إن هذا والله من أعجب العجب ؟؟ فلو لم تقل ذلك لكان أصدق لحديثك وتطابق قولك مع فعلك.  

الوقفة السابعة : قوله (أقول بكل صراحة إنني لست من الذين يتسمون بالسلفية اليوم ) قارن هذا مع قوله (وأنا أقول إنني سلفي وأقرب الناس إلى السلف لقربي من منهج الرسول عليه الصلاة والسلام ) فلا أدري أي تناقض هذا يا دكتور؟؟!! ثم يتبع ذلك بقوله (الذين يطلقون على أنفسهم السلف اليوم ويقولون إنهم أتباع تلك القرون المضيئة، فهذا غير صحيح لا لغة ولا واقعاً.) أقول كيف ساغ لك الانتساب الى السلفية في مقابل تخطئة المخالفين لك في ذلك لغة وواقعا ؟؟أتصح النسبة إلى السلفية  لك لغة وواقعا وتمتنع لغيرك؟؟ أم ماذا ؟؟

أحلال على بلابله الدوح    حرام على الطير من كل جنس؟؟

الوقفة الثامنة : قوله (فالسلف هم ما قبل عام 500هـ ) من أين ذلك التحديد يا دكتور ؟؟ ومن سبقك بهذا القول؟؟ مع أنه ذكر بأنهم على وجه التحديد القرن الأول والثاني والثالث الهجري وهذا حق وليسوا الذين قبل عام 500هـ . لأن الدقة مطلوبه فلو اكتفى بآخر كلامه وهم الذين ذكروا في الحديث الشريف لكان أولى .

  • الوقفة التاسعة : قوله : (الذين يطلقون على أنفسهم السلف اليوم ويقولون إنهم أتباع تلك القرون المضيئة، فهذا غير صحيح لا لغة ولا واقعاً) أولا لا أعلم أناسا يطلقون على أنفسهم بأنهم (السلف) ، فالسلف الصالح قد ماتوا رحمهم الله ولكن يوجد قديما وحديثا من ينتسبون الى (السلف) والنسبه هي ( سلفي ) للمفرد و (سلفيون) للجمع، بياء النبسة . وهذه النسبة هي اختصار لقول ( أنا مسلم على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ) الذين هم أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا كما وصفهم ابن مسعود رضي الله عنه (انظر جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر(2/947/1810)) وكما قال إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس رحمه الله ورضي عنه (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها) انظر الشفا للقاصي عياض (2/87 – 88)  ( ثم أين الخطأ اللغوي في ذلك ؟؟ وماذا نقول عن أئمة الإسلام في تداولهم لهذه النسبه قديما وحديثا ،كأنس رضي الله عنه و ميمون بن مهران والسجزي والصابوني والسمعاني  وشيخ الإسلام ابن تيمية والذهبي وابن قاضي شهبه وابن العماد والسفاريني وابن باز وابن عثيمين والألباني  وغيرهم كثير؟ والنسبة إلى السلف (سلفي) كما أن النسبة الى البحرين (بحريني) فما الضير في ذلك ؟؟!! واين الخطأ من جهة الواقع؟ فهات ما خالف فيه السلفيون اليوم ما كان عليه السلف الصالح من الاعتقاد والعمل والسلوك ؟؟ أقول السفليون جملة لا أفرادا لأن الأفراد يقعون في المخالفات بلا شك ، إذ لا عصمة لأحد عندنا ، ولسنا كأوليائكم الذين ادعيتم لهم العصمة ، قال القشيري (وهو من الصوفية) : (واعلم أن من أجل الكرامات التي تكون للأولياء دوام التوفيق للطاعات والعصمة عن المعاصي والمخالفات ) الرسالة القشيرية ص667

 .                وإن كان ذنب المسلم اليوم جهله    فماذا على الإسلام من جهل مسلم

إن من أهم ما يميز الدعوة السلفية أنها لا تنتمي لشخص كالجهميه نسبةً إلى الجهم بن صفوان والأشاعرة نسبةً إلى أبي الحسن الأشعري وغيرهما وكذلك لا تنتمي لفكرة كالمرجئة المنتسبة لفكرة وبدعة الإرجاء وهو تأخير العمل عن مسمى الإيمان، والقدرية الذين ينكرون القدر. بل السلفية نسبة إلى القرون الثلاثة الأُوَل الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ...) والسلف الصالح هم من تقدمنا ومضوا من القرون المفضلة قال تعالى ( قل للذين كفروا إن ينتهو يغفر لهم ما قد سلف ) أي ما قد مضى .

الوقفة العاشرة : قوله : (ونحن نسميهم اسماً آخر وهو الوهابية) أقول : وهل ابن تيميه والذهبي وغيرهم كثير من أئمة الإسلام الذين انتسبوا إلى السلف الصالح - رحمهم الله- وهابية؟؟!! أم ماذا كانو قبل مجيء المجدد الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله المتوفى 1206هـ الذي افترى عليه كثير من الكتاب زورا وبهتانا على نظرية (اكذب حتى يصدقك الناس ) أم أن هذا من الألقاب التى أطلق لها المخالفون العنان لينفروا الناس عن دعوة إلى الكتاب والسنه وفهم سلف الأمة ومن قرأ كتب هذا الإمام محمد بن عبد الوهاب يجد معظمها آيات وأحاديث وأقوالا للسلف الصالح ولكن الإنسان عدو ما يجهل . ثم إن الوهابية ليست دينا جديدا ولا مذهبا خامسا كما اتهمها المناوئون . ولكنها دعوة لإخلاص العبادة لله وحدة وإخلاص المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم من غير تغيير لسنته امتثالا لقوله تعالى ( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا) وقوله تعالى ( ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )وأولى من يدخل في هذا الوصف صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم الذين قال الله فيهم ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) وقال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم موافقا لمدح القرءان إياهم ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ...) ، ثم أقول للدكتور العربي : أين الورع الذي تدعونه وأنتم ممن يتنابز بالألقاب ، أهكذا يفعل التعصب بأصحابه؟!

الوقفة الحادية عشرة : قوله (وليس بيننا وبين السلفية تصادم وشقاق ) قارن هذا مع قوله (وهؤلاء ليسوا منا ونحن لسنا منهم، فنحن فكران مختلفان ) فلا أدري أي تصادم وشقاق أكثر من القول بأن السلفيين اليوم ليسوا أتباع السلف الصالح ؟؟ أو القول بأنهم ليسوا منك ولست منهم ؟؟ أو القول بأن الفكران مختلفان مع أن السلفية ليست فكرا بل هي دين الله الخالص. وأما قوله أنهم منا ونحن منهم بالنسبة للإنتماء إلى المنظومة الإسلامية فهذا لابد منه الإ أن يرى تكفير السلفيين ؟؟ فقوله هذا لابد منه أصلا ولكنه لا ينفي الشقاق كما ذكرت .

الوقفة الثانية عشرة: قوله (ولكن مصيبتنا أن البعض يتكلم من دون علم ومن دون بصيرة) أقول صدقت والله !!

الوقفة الثالثة عشرة :قوله (شيوخ التبليغ من الصوفية بلا شك ) وهذه شهادة لطالما سمعت التبليغ ينفونها فلا أدري من أصدق؟؟وأنا أنتظر أحدا منهم يؤيدها أو يردها !!

الوقفة الرابعة عشرة : قوله (والأمة الإسلامية منذ أن برزت التيارات الإسلامية في القرن الثاني الهجري وحتى اليوم هم في أغلبهم وأعمهم أشاعرة المنهج وهم صوفيون ) أقول أما هذه فلم أسمع مثلها ، كيف ينسب غالب الأمة  الإسلامية إلى فكر رجل غير رسول الله صلى الله غليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم والقرون المفضلة وهو أبو الحسن الأشعري وإلى فكرة التصوف التي سبق الكلام على غيض من فيض واقعها ؟؟!! ما أجمل العدل .

وكلامه هذا فيه قدح ضمني لهذا الفكر وهذه التيارات لأنها إنما جاءت بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم الذين هم خير القرون عدا من بقي على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم من أئمة المذاهب وغيرهم من علماء الأمة  .
الوقفة الخامسة عشرة: قوله (فالتصوف - أستطيع القول – إنه حفظ الإسلام في القارة الأفريقية) أقول إن الحافظ للإسلام هو الله تعالى وليس التصوف !! ومحاربة التنصير قد قام به المسلمون بجميع طوائفهم لأن ذلك حرب على الإسلام بجميع طوائفه فهذا واجب على كل مسلم حسب استطاعته . فلم يتفرد الصوفيه ولا غيرهم بذلك ، ولا أدري ماذا يريد بقوله ذلك ، هل يريد أن يقول بأن الصوفية لهم فضائل وحسنات؟؟ وهذا لا ينكره أحد ، فالمسلم لابد أن عنده من الحسنات الكثيرة وحتى لو كان مبتدعا وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله (فإن البدعة لو كانت باطلا محضا لما قبلت ولبادر الناس إلى إنكارها .. ولكنها تشتمل على حق وباطل ) مختصر الصواعق (1/ 315)، واقرأ أخي القارئ سير الخوارج الضلال ، ومالهم من الصلاح والعبادة والتنسك ، كيف قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم عنهم: (تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وقرائتكم إلى قرائتهم...) ومع ذلك فقد قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم بأهم (كلاب أهل النار )، وقال كذلك ( لأن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد).

قال مستر بلس ((إن الدين الإسلامي هو العقبة القائمة في طريق تقدم التبشير بالنصرانية في أفريقية، والمسلم فقط هو العدو اللدود لنا ..)  الغارة على العالم الإسلامي ص (35-36)

ويقول زويمر ( إن جزيرة العرب التي هي مهد الإسلام لم تزل نذير خطر للمسيحية ) المصدر السابق ص 247

فكل مسلم يجب عليه التصدي لأي حمله تغريب يسعى لها أعداء الدين الإسلامي  ، ومع ذلك فإن للصوفية الذين تصدوا للتنصير في أفريقيا شطحات خطيرة شوهوا بها الإسلام والمسلمين ، فمن ذلك أن من أولائك الصوفية من يدعي المهدوية (أي يدعي بأنه المهدي المنتظر ) ويتابعه الناس على ذلك .

قال القسيس ورتز (هنالك قرائن كيرة تدل على وجود يد تعمل بقصد لنشر الإسلام. فإنه يظهر في ربوع أفريقية من وقت إلى آخر مبشرون [أي من المسلمين] متنقلون يدعون المهدوية ويثيرون الفتن الشديدة ) الغارة ص 168

أضف إلى ذلك ما ذكرته  جمعية التبشير الكنسية :في تقرير لهم عن الدين الإسلامي في أفريقية "من خلال ما رأوه من مشايخ الطرق الصوفية" وكان حديثهم عن الوحدانية "أي التوحيد عند الصوفية": (إنها –أي الوحدانية- تحتك من بعض الأوجه بمذهب اللاأدرية ومن وجه آخر بمذهب وحدة الوجود القائل أن الله والكون واحد ، وتقرب أيضا من مذهب تعدد الآلهة والشرك..) (الغارة /ص224-225)

فبالله عليكم هل هذا هو التوحيد عند المسلمين؟؟ لا والله بل هو توحيد الصوفية الذي رأوه ونبرأ إلى الله منه.

وفي الختام أسأل الله الهداية للجميع .وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.