رسالة إلى المعلم: ابدأ بالتوحيد - للشيخ إبرهيم الخلاقي

رسالة إلى المعلم: ابدأ بالتوحيد..

الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، الذي أنعم علينا بالنعم، وأدامها بالشكر واجتناب الكبائر واللمم، والصلاة والسلام على المبعوث إلى خير الأمم، وعلى آله وصحبه ومن هداه الله وأنعم، أما بعد...

فهذه الرسالة أوجهها لمن شرَّفه الله تعالى وأكرمه بالعمل بمهنة التعليم، هذه المهنة العظيمة التي يحصل بها من الخير الكبير والنفع العظيم للأمة.

لك أيها المعلم يا من تربي الأجيال وتُخرِّج الرجال، أوجه لك هذه السطور، لأبث لك شيئًا مما في الصدور.

إن المعلم داعية إلى الله بأقواله وأفعاله وهديه وسمته؛ لذا وجب على الداعية أن يعلم ما يدعو إليه، وأن يسلك طريق الأنبياء عليهم السلام في الدعوة إلى الله، وكيف يعرف ذلك الطريق إلا أن يبدأ بنفسه فيتعلم العلم الصحيح الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم، من أهله الثقات السلفيين.

أيها المعلم إن مهمتك في البيئة المدرسية ليست مقتصرة على إنهاء المقرر الدراسي فحسب؛ وإنما على نشر السنة والخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ وأعظم أمر بالمعروف هو الدعوة إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة سبحانه وتعالى، وأعظم نهي عن المنكر التحذير من الشرك في عبادة الله جلَّ وعلا.

فإذا استقر في ذهن المعلم هذا الأمر ودعا إليه أصلح الله على يديه ما نراه من سلوكيات وأخلاقيات سيئة بين الطلاب، وإذا تغافل عنه وأهمله أو جهله فلن يصلح حال هذه الأمة إلا بتوحيد الله وإفراده بالعبادة.

كتبت هذه السطور وأنا أحترق ألمًا وأعتصر ندمًا من حال كثير من الطلاب الذين لا يعرفون من الإسلام إلا بعض المسميات، وزاد الأمر سوءًا أنني التقيت -في أثناء زيارتي لإحدى المدارس الإبتدائية- طالبًا في الصف الخامس الإبتدائي وعلى رقبته لمحت خيطًا، فسلمت عليه وسألته عن الخيط، فسكت فقلت له: ما الفائدة من تعليقك هذا الشيء؟!، فقال: لكي تحميني من العين والحسد. فأخبرته أن هذا الأمر شركٌ بالله العظيم وأنه لن يزيدك إلا سوءًا، فقمت وأخرجتها لأراها كاملة فإذا فيها حديدة مكتوب عليها آية الكرسي، فأخبرته أنه لا يجوز تعليقها وقد تؤدي بك إلى الشرك بالله عزَّ وجل، وأن الله هو الحافظ وهذه تبعدك عن الله وتقربك من النار، فسكتَ وطلبتُ منه أن آخذها فلم يرضَ ومشى دون أن يتكلم بشيء.

هذه الحادثة تبين لنا شيئًا قليلًا من الجهل المنتشر بدين الله جلَّ وعزَّ؛ بل قد يصل في بعض الأحيان إلى الشرك -والعياذ بالله-.

ولقائلٍ أن يقول: أن هذه تميمةٌ من القرآن وهي جائزة، فاقرأ معي -يا رعاك الله- كلام الإمام عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في فتح المجيد (صـ127)، حيث قال:

(اعلم أن العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم اختلفوا في جواز تعليق التمائم التي من القرآن وأسماء الله وصفاته، فقالت طائفة: يجوز ذلك، وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص [والإسناد إليه ضعيف لا يصح]، وهو ظاهر ما روي عن عائشة. وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية. وحملوا الحديث على التمائم التي فيها شرك.

وقالت طائفة: لا يجوز ذلك. وبه قال ابن مسعود وابن عباس. وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم، وبه قال جماعة من التابعين، منهم: أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية اختاره كثير من أصحابه، وجزم بها المتأخرون، واحتجوا بهذا الحديث وما في معنا [أي بحديث: « إن الرقى والتمائم والتولة شرك »].

قلت: هذا هو الصحيح لوجوه ثلاثة تظهر للمتأمل: الأول: عموم النهي ولا مخصص للعموم. والثاني: سد الذريعة؛ فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك. والثالث: أنه إذا علق فلا بد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك.) انتهى كلامه رحمه الله.

عليك أيها المعلم -يا من أكرمك الله بهذه النعمة، وحمَّلك هذه المسئولية- أن تتقي الله وتخافه وتجهَّزْ ليوم يسألك فيه الله عزَّ وجلَّ عمَّن استرعاك وماذا عملت بهم، وبمَ نفعتهم.

فكُنْ داعيةً إلى الله تعالى، وانشر التوحيد والسنة والخير بين الطلاب، وحذِّرهم من الشرك والبدعة والمعصية، حينها سيخرج جيلٌ ينصر الإسلام ويعيد المجد للأمة.

والله أعلم وصلِّ الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.

 

كتبه: أبو عمر إبراهيم بن محمد الخلاقي

يوم الاثنين 30 جمادى الأولى 1435 هـ - 31 مارس 2014م.