رسائل لم يحملها البريد .. إلى مؤذن المسجد - للشيخ د. صلاح الخلاقي

رسائل لم يحملها البريد .. إلى مؤذن المسجد


الأذان وظيفة شريفة، وعمل جليل، لو يعلم الناس ما فيه من الفضل، ثمّ لم يجدوا إلاّ أن يستهموا عليه لاستهموا، يطرد الله به وساوس الشيطان، ويغفر به الذنوب والعصيان، ويُدخِل به الجنان، والمؤذنون أطول أعناقاً يوم القيامة، وأُمناءُ المسلمين على صلاتهم وسحورهم، لا يسمع صوت أحدهم شيء إلا شهد له يوم القيامة، يُغفر للمؤذن مدى صوته، ويصدقه من سمعه من رطبٍ ويابس، وله مثل أجر من صلى معه، دعا النبي صلى الله عليه وسلم له بالمغفرة، وشهد له بالخيرية، فهو من خيار عباد الله، كيف وهو يدعو إلى الله في اليوم خمس مرات: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى الله وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.
إذا تقرر ذلك، فإليك أخي المؤذن بعض الوصايا والتوجيهات، نفعني الله وإياك بها:
•    ليكن عندك القدر الكافي من أحكام الأذان، وواجباته ومستحباته، ومبطلاته ومكروهاته، عارفاً بسننه وآدابه.  
•    راع الوقت، فأنت مؤتمن عليه، فلا تؤذن قبل الوقت فتوهم من في البيوت ممن لا تجب عليهم الجماعة دخول الوقت، ولا بعد الوقت بزمن فتضيع على البعض السنة في أول الوقت.
•    ابتغ بأذانك وجه الله تعالى، ولا يكن همك الدنيا، فإن أُعطيت من بيت مال المسلين من غير مسألة فخذ، وإلا فلا تبتغ على أذانك أجراً، فقد قال صلى الله عليه وسلم لعثمان بن أبي العاص: (
أنت إمامُهُم واقتدِ بأضعفهم، واتَّخِذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا).
•    الزم السنة في هيئتك للأذان، وكن متمهلاً في ألفاظه، فلا تسرع سرعة مَن يشق على السامع متابعته، جزمًا: تقف بعد كل جملة من ألفاظ الأذان، قائماً على موضعٍ عالٍ -إن اقتضت الحاجة-، مستقبل القبلة، جاعلاً أصبعيك في أذنيك، غير مسدل اليدين، ملتفتاً في الحيعلتين يمينًا لـ(حيَّ على الصلاة)، وشمالاً لـ(حيَّ على الفلاح)، من غير استدارة جسد.
•    كن متطهرًا حال الأذان، صيتاً في أذانك؛ (
فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن، جنّ ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة).
•    لابد أن يكون الأذان مرتبًا، مبتدِأً بالتكبير ثم التشهد، ثم الحيعلتين والتكبير، ويختم بكلمة التوحيد، فلا تنكس ألفاظه، ووالِ فلا تفصل بعضها عن بعض بزمن طويل.
•    تجنب التمطيط والتلحين والتطريب، واحذر المبالغة في المد، وإياك وتقطيع الألفاظ أو ترديدها، قال عمر بن عبد العزيز لمؤذن له:
(أذِّن أذاناً سمحاً وإلا فاعتزلنا).
•    احذر اللحن والتحريف في النطق بألفاظ الأذان، وكل ما يحيل المعنى فيبطل به الأذان، كــمد همزة (آلله)، أو مد الباء في (أكبـــر)، ومد همزة (آشهد)، ومد الضمة في (أشهدُو)، وتشديد النون في (أشهد أنَّ لا إله إلا الله)، وفتح اللام في (أشهد أن محمداً رسولَ)، ونحو ذلك من الأغلاط التي قد تغير المعنى، وتحيل المراد.
•    إياك والإحداث في الأذان بألفاظ غير واردة في نصوص الأذان، كـقول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) قبيل البدء، و(حي على خير العمل) في أثنائه، أو رفع الصوت والترنم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الانتهاء، وغيرها من المخالفات التي لم تصح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، والزم العدد الذي جاءت به السنة بلا زيادة ولا نقص.
•    تعاون مع إمام مسجدك في كل ما فيه عمارة المسجد بما يحب الله ويرضى، واعلم أنه كما أنك بالأذان أملك، فالإمام بالإقامة أملك.
نفعنا الله وإياك بما نقول ونسمع، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

كتبه د. صلاح بن محمد موسى الخلاقي

غرة رجب 1439هــ 18/3/2018م