رسائل لم يحملها البريد .. إلى عشاق الكتاب - للشيخ د. صلاح الخلاقي

رسائل لم يحملها البريد .. إلى عشاق الكتاب


القراءة مِفتاح المعرفة، ووسيلة للتحصيل والفائدة، ومسلك لاكتساب خبرات الآخرين، وطريق لاستخلاص المعلومات وتوظيفها، وهي غِذاء العَقل والرُّوح، بها يجول القارئ في زمان قد غبر، وتاريخ مضى وعبر، ويستنتج من خلالها عواقب ما يستقبل، ويُطالَع بها سير العلماء العاملين، بها يتنعم ويحيَّ حياة طيبة، وفيها يجد المتاع، ومنها يستمد المتعة، فإلى عشاق الكتاب، ومحبي المطالعة، والشغوفين بالقراءة، إلى زوُّار المكتبات، أهدي إليكم هذه الوصايا، محفوفة بالنصح والتحايا، وأوجزها بما يلي:


•    إن الحاجة لغرس حب القراءة في نفوسنا ونفوس الأجيال ماسة؛ فبها يتسع إدراكهم، وتزيد معارفهم وأفكارهم، وتنمو قدراتهم ومهاراتهم، فعنايتك بالكتاب رسالة لأبنائك تغنيك عن كثير من العبارات.


•    احرص على النية الصالحة في اقتنائك للكتاب وقراءتك له؛ بأن تخلص نفسك به من الجهل، وتنفع الآخرين بما استفدته.


•    تخير من الكتب ما يناسب تخصصك، ويرفع ثقافتك، واستشر المتخصصين في ذلك، فالمتخصص يفيدك في قيمة الكتاب العلمية، أما كلام غير المتخصص فاستأنس به ولا تعتمد عليه، واحذر من الدعاية لأي كتاب فإنها مصيدة حتى وإن كانت بغير قصد.


•    احرص على الكتاب الجامع المحرر، ودع عنك الحشو المكرر، وذلك في أي فنٍ وأي مقرر، فإن حصلت مرادك فلا تتردد في الشراء ولو غلا الثمن؛ فإن من عرف قيمة ما يطلب هان عليه ما يبذل.


•    كرر زيارة معارض الكتب والمكتبات النافعة، فزيارتك تكسبك خبرة، وتزيدك متعة، وتنمي عندك جانب الاطلاع على كل جديد ومفيد.


•    غذِّ مكتبتك بكتب العقيدة الصحيحة والتوحيد الخالص، ولو لم تكن متخصصاً، فإن ذلك رأس الأمر، وميراث لمن بعدك، وتجنب كتب الشرك والسحر والبدعة فإنها تمسخ دينك، ووزر تجلبه لمن يأتي بعدك.


•    اقتنِ لأسرتك ما يشبع عطشهم ويغذي عقولهم ولا يفسد قلوبهم وأوقاتهم، واحذر الكتب المنحرفة فكرياً، ككتب الدواعش والصفوية والعلمانيين وغيرها من الكتب التي يحسبها الظمآن ماءً حتى إذا جاءها لم يجدها شيئاً، ووجد فيها السم الزعاف الذي يعطل الأديان ويفسد الأذهان ويخرب الأوطان.


•    كتب الأدب والشعر والروايات سمينُها قليل وغثُّها كثير، فتخَيَّر منها ما يسد الرمق، وكن في غاية الحذر من فساد الأدباء في العقيدة والسلوك.


•    ليس كل جديد مفيدا ولا كل قديم نادرا، لا بد من جودة المضمون وجودة الطبعة، وإلا وقعت في الغبن والندم لا سيما عندما ترى الطبعة الأفضل.


•    احرص على جمع كتب السلف الأولين، والأئمة المجتهدين، ومن بعدهم من العلماء المحققين: كابن تيمة - وابن القيم – ومحمد بن عبدالوهاب – وابن باز- والألباني- وابن عثيمين- والوادعي ومن جرى مجراهم قديماً وحديثاً، فإنهم قدوات مشرقة تفخر بهم الكتب.


•    وختاماً لهذه الوصايا، أذكرك ونفسي ببعض الخطوات الجادة نحو قراءة نافعة: فاختر بيئة مريحة ومناسبة للقراءة، وتجنب معوقات سيرك في طريق القراءة، والزم خطوات واضحة في استكمال قراءة الكتاب، واغتنم وقتك، واحرص على ما ينفعك منه، ولا تتمسك بكتاب سيئ الفكر، أو عسر الفهم، واصطحب معك القلم فإنه لا معنى لمتعة القراءة دون تقييد الشوارد، وكرر قراءة الكتاب الواحد، فالشيء إذا تكرر تقرر.

وبهذا القدر كفاية وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
 د. صلاح بن محمد الخلاقي
 16/7/1438هــ