التحذير من التسرع في التكفير - للشيخ محمد كليب

التحذير من التسرع في التكفير

بقلم. محمد بن مطهر كليب


           التسرع في التكفير باب خطير أقدم عليه السفهاء فهلكوا وأهلكوا، وجانبه الحكماء والعقلاء فسلموا وغنموا، وقد صح عن نبينا عليه الصلاة والسلام قوله: "ومن رَمَى مؤمناً بكُفر فهو كقتله"؛ فمن قتل مسلماً أخرجه من حياة الدنيا، ومن كفَّره أخرجه من حياة الإسلام الذي لا قيمة للحياة دونه، وإطلاق الكفر على من ليس له أهل قد يعود على صاحبه وقائله؛ ففي الحديث: "من قال لأخيه: يا كافر! فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه".

إن ثمة أقواما أقدموا على مسائل التكفير، فأخرجوا من الإسلام الصغير والكبير؛ فضلوا بذلك وأضلوا، واستحلوا من الدماء والأموال والأعراض ما استحلوا، ومن يسمع ويقرأ عن تلك الجماعات التكفيرية من داعش والقاعدة وأدعياء الجهاد المزيف ومختلف الفئات الحزبية التي تتعصب للمذاهب وآراء الرجال، إنما صدرت عنهم الجرائم وارتكاب الموبقات والعظائم من قتل للنفوس، وإهانة للشعائر، وتدمير للممتلكات العامة والخاصة، واستحلال للكذب والافتراء على الخلق.. كان ذلك منهم بعد تكفيرهم لهذه النفوس والمجتمعات والحكم عليها بالردة والكفر.

ولهذه الجماعات والأفراد مواقف مخزية وقصص مزرية: ربما الواحد فيهم يُكفّر نفسه وأباه وأمه باليوم والليلة عشرات الـمرات، وربما رأى صغار المعاصي التي لا يسلم منها مسلم فيجعلها في قائمة الكفر والردة، وربما وَجَد من يُوحّد الله تعالى ويهتدي بهدي رسول الله عليه الصلاة والسلام، فيرميه بالكفر والزندقة دفعة واحدة دون سابق إنذار؛ كونه يخالفه ولا يوافقه على فكره وانحرافه، ويكشف للمسلمين ضرره وخطره!

 وأذكر مرة دخل علينا المسجد رجلٌ ممن عُرِف بالتسرع والطيش في إطلاق أحكام الكفر والفسق على المسلمين، فرآنا (مجموعة من المعلمين) كل معلم في حلقة من حلقات تحفيظ القرآن الكريم أمام طلابه، فصرخ الرجل بصوت عالٍ تجاهنا قائلاً: (أيها الكفرة أنتم هنا تعلمون القرآن، والمسلمون يُقتَّلون ويشردون في بلاد كذا وكذا..!)؛ فعجبنا لحماقته وجرأته، وحالنا تقول: سبحان الله! نتدارس القرآن، وفي بيت من بيوت الرحمن، ملتزمين بشعائر الإسلام، نُرمَى بالكفر جملة وتفصيلاً دون خوف أو حياء!

      على المسلم أن يتقي الله في ألفاظه، فـ"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، ومن حكم على أخيه بكفر أو زندقة أو نفاق أو فسق دون بينة أو برهان، ودون رجوع لأهل الأمر والبيان؛ فقد أوقع نفسه في أمور عظيمة لا تُحمد عقباها، ولا حد ممدوح لمنتهاها، ويجب على الآباء والمربين الجد والاجتهاد في حماية أبنائهم ومن تحت رعايتهم وإبعادهم عن أهل التكفير ودعاته ومجالسهم، وعليهم أن يحصنوهم بالعلم الشرعي من منابعه ومظانه الآمن؛ فإن العلم يحرس أهله ويرفع شأنهم في الدنيا والآخرة كما وعد ربنا سبحانه.

 

كتبه/ محمد مطهر كليب

3/ 8 / 2017م