الاحتفال بالمولد النبوي سنة أم بدعة؟ - للشيخ محمد كليب

الاحتفال بالمولد النبوي سنة أم بدعة ؟

 بقلم. أبي أيوب محمد بن مطهر كليب

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

أما بعد:

فمنذ أن ظهرت مناسبة الاحتفال بالمولد النبوي، لا زالت الأدلة مفقودة حتى يومنا على مشروعية هذا الاحتفال؛ فعندما نظر أهل العلم في صفحات القرآن الكريم وتنقلوا بين آيه لم يجدوا نصاً صريحاً يدل على مشروعية الاحتفال به، وعندما تتبعوا نصوص الحديث النبوي وجدوا الأمر كذلك، فلا يوجد حديث واحد يحث على مشروعية هذا الاحتفال، لا من أقوال النبي –صلى الله عليه وسلم- ولا من أفعاله ولا من تقريراته، وعندما تتبعوا آثار الصحابة والتابعين والقرون الثلاثة المفضلة لم يجدوا أحداً قام بهذا الفعل أو أفتى بجوازه.
     فيا لله العجب!  من أين جاءت هذه المناسبة؟! أثمت وحي نزل بعد النبي –صلى الله عليه وآله وسلم-؟ أم أن الناس اختلقوا لهم عبادات من عند أنفسهم؟!
       لا شك أن الوحي قد انقطع بموته صلى الله عليه وآله وسلم، فما هي إلا الأخرى أن الناس هم من جاء به من عند أنفسهم، وثبت ذلك جلياً في كتب التاريخ: أن أول من احتفل بالمولد النبوي هم خلفاء الدولة الفاطمية في القرن الرابع والخامس الهجري، وهي دولة أظهرت مخالفتها الصريحة لسنة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وروجت للبدع والمحدثات في أرجاء العالم الإسلامي، ومن ثَم تتابع رعاع الناس على إثرهم منذ ذلك الحين، وإلا فلم يُعرف عن أحد قبل ذلك قط.
       ومن المعلوم أن العبادات توقيفية لا يجوز للعبد فعلها إلا بدليل، وإلا كانت بدعة محدثة مردودة، والاحتفال بالمولد النبوي مناسبة تفتقر للدليل الشرعي، فالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- هو صاحب الشأن لم يؤثر عنه أنه احتفل بمولده قط، والصحابة –رضي الله عنهم- هم أشد الناس حباً واتباعاً للنبي –صلى الله عليه وسلم- ومات وعددهم يفوق المئة ألف صحابي، فلم يؤثر عن واحد منهم أنه احتفل بمولده صلى الله عليه وسلم ألبتة، والقرون الثلاثة المفضلة وهم خير الناس كما قال عنهم النبي –صلى الله عليه وسلم- لم يؤثر عن أحدهم قط أنه احتفل بمولده..!
        بل ومما يزيد العاقل حَيْرة أنه لم تتفق الأمة على تحديد تاريخ ولادته، وإن استقر الأمر مؤخراً على الثاني عشر من ربيع الأول فقد اتفقت الأمة على أن وفاته كانت في الثاني عشر من شهر ربيع الأول، فليت شعري أنحتفل لولادته أم نعقد العزاء لوفاته؟!
   ويعلل بعضهم أن الاحتفال بمولد النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- إنما هو حباً له، وإحياء لسيرته، واستناداً للنصوص العامة التي تحث على الفرح به.. فما المحظور في ذلك؟
    أقول: سبحان الله! أيكون حب النبي –صلى الله عليه وسلم- بمخالفته أم باتباعه؟! أنفرح بالنبي –صلى الله عليه وسلم- ونتذكر سيرته وأخلاقه يوماً واحداً في السنة وندعه في سائر الأيام؟! يا للعقوق في حق الرسول –صلى الله عليه وسلم- !.
    ما هكذا يكون حب النبي -صلى الله عليه وسلم- والفرح به؛ فحب النبي -صلى الله عليه وسلم- يكون باتباعه  والاهتداء بهديه والسير على منهاجه في كل وقت وحين، ولم يُخص بيوم واحد، قال تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"، فاللهم اجعلنا ممن يحب نبيك ويتبعه ويقتفي أثره ويهتدي بهديه.

 

بقلم. محمد بن مطهر كليب

غرة ربيع الأول 1438هـ