اتركوا التحزبات والتكتلات، وأطيعوا ولي أمركم، وحافظوا على دينكم وبلدكم - للشيخ محمد كليب

 

        اتركوا التحزبات والتكتلات، وأطيعوا وليَّ أمركم، وحافظوا على دينكم وبلدكم 

 بقلم/ أبي أيوب محمد مطهر كليب

 

          من يُشاهد الواقع الذي تعيشه بعض بلاد المسلمين اليوم من اضطراب واختلاف وتفرق واقتتال يَرَ ما آلت إليه تلك البلاد من الضعف والتفكك وانتشار الفوضى وتسلط جماعات الإرهاب والتطرف عليها، وأصبح من الصعب لملمة تلك الجروح والتشققات، مما يدعونا ذلك إلى الاتعاظ والاعتبار والحفاظ على ما نحن فيه من نعمة وخير. فبلدنا –ولله الحمد- (البحرين) ننعم فيها بالأمن والأمان والسكينة والاستقرار، فالواجب حماية ما نحن فيه من خير وفضل بالحفاظ على هذا البلد والسعي في عمارته وإعلاء ذكره بأفعالنا وأقوالنا وقيمنا، فهي بلد تنعم بقيادة حكيمة ممثلة بجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وسمو ولي عهده سلمان بن حمد آل خليفة، وسمو رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة –حفظهم الله جميعا-؛ فمن أعظم ما يديم علينا صلاح بلادنا واستقراره وأمنه ورخاءه هو سمعنا وطاعتنا لولي أمرنا بالمعروف في المنشط والمكره الذي يعدُّ واجباً علينا، تعبدا وطاعة لله تعالى القائل: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، وطاعةً لرسوله عليه الصلاة والسلام القائل: "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره"، فلا بيعة إلا لولي الأمر الذي لا يكون الاجتماع إلا به وتحت قيادته، وأما الولاء والبيعة للتحزبات والتكتلات والتعصبات فإنه حرام لا يجوز، وهو مذموم ممقوت في شريعتنا.

 

إن من تأمل في نصوص الكتاب والسنة يجد أن من أجل مقاصدها الحث على لزوم جماعة المسلمين وذم الفرقة والتحزب، حيث وردت هذه النصوص بألفاظ مختلفة وأساليب بلاغية متنوعة:

فتارة: تحث هذه النصوص على الاعتصام ولزوم جماعة المسلمين بصيغة الأمر أو النهي المباشر كقول الله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"، وقول رسوله عليه الصلاة والسلام: "عليكم بالجماعة وإياكم والفُرقة".

 

وتارة أخرى: ترِدُ بذم الفُرقة والتحزب وأنها طريق الفشل وهَدي الفاشلين، فيقول سبحانه: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"، ويقول عليه الصلاة والسلام في ذم التعصبات الجاهلية: "دَعُوها؛ فإنها منتنة"، ويقول في حديث آخر: "من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات، مات مِيتة جاهلية".

 

وتارة ثالثة: بضرْب الأمثال للأمم السالفة التي تفرقتْ واختلفت، فكان مصيرها الضعف والهلاك والعذاب، قال تعالى: "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم"، وقوله: "وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون، فتقطعوا أمرهم بينهم زُبُراً كل حزبٍ بما لديهم فرحون"، وقوله عليه الصلاة والسلام: "ذروني ما تركتكم؛ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم".

 

وتارة رابعة: بنسب صفة التفرق والاختلاف لأهل الزيغ والانحراف من الغلاة والمجرمين، فيقول سبحانه: "ولا تكونوا من المشركين، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شِيَعَا كلُّ حزبٍ بما لديهم فرحون"، وأخبر عليه الصلاة والسلام أن اليهود والنصارى افترقوا على إحدى وسبعين واثنتين وسبعين فرقة، وأن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين، لن تنجو منها إلا واحدة؛ فلما سُئل عنها، قال: "هي الجماعة".

 

وتارة خامسة: بإعلان البراءة من أهل الفرقة والتحزب، فيقول تعالى: "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شِيَعَا لستَ منهم في شيء"، وتقول أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها: "ألا إنَّ نبيكم قد برئ ممن فَرَّق دينه واحتزب".

هذه الأوصاف وأوصاف وأساليب أخرى منثورة في القرآن والسنة، كلها توجب على جميع المسلمين أن يَدَعوا ويتبرؤوا من التعصبات والتكتلات ومبايعة الجماعات وعقد لها الولاءات التي أضرت بالمجتمعات وأنجبت الأفكار المنحرفة والتطرفات، وذلك منكر عظيم ليس من الدين في شيء؛ فلا بيعة إلا لولي الأمر ولا اتباع إلا للكتاب والسنة، ومن خالف ذلك فقد خالف كلام رب العالمين، وحاد عن الصراط المستقيم. كفانا الله شر التحزبات والتعصبات وثبتنا على الحق وعلى لزوم جماعة المسلمين حتى نلقاه

 

 

 

 

بقلم أبي أيوب محمد مطهر كليب

19 شوال 1438هـ / الموافق 13 يوليو 2017م