((الاختلاط فتنة .. فاعتبروا يا أُولي الألباب)) د. صلاح الخلاقي

بسم الله الرحمن الرحيم

((الاختلاط فتنة .. فاعتبروا يا أُولي الألباب))

لقد كانت الحشمة والعفة في سقاء من الحجاب موكوء، -كما قال المنفلوطي رحمه الله- فما زالوا به يثقبون في جوانبه كل يوم ثقباً، والعفة تتسلل منه قطرةً قطرة حتى تقبض وتكرَّش، ثم لم يكفهم ذلك منه حتى جاؤوا يريدون أن يَحلُّوا وكَاءه حتى لا تبقى فيه قطرة واحدة.

نعم .. إنهم دعاة التمدن والعصرية؛ والتي عصرت لنا سماً نقيعاً، فما زلنا نتجرع مرارة شربه.

نعم .. إنهم دعاة التطور والرقي إلى مستنقع الرذائل، وحضيض الشمائل.

نعم .. إنهم دعاة الاختلاط، ومُنَّاع الفضيلة، والمقلصون للحشمة، والداعون لزوال الحياء وانعدام الغيرة، والمريدون لِأن تميلوا ميلاً عظيماً.

إن فكرة الاختلاط فكرة غربية لتدمير الشعوب وانحطاطها؛ مخالفةً للتشريعات الإلهية، والطبيعة البشرية، وتؤدي إلى موت الفضيلة والشرف والدين.  

وقد تجرع الغرب مرارة الاختلاط بين الرجال والنساء، وخصوصاً في ميادين التعليم والعمل، فنادى عُقلاؤهم بمنعه، وسن الأنظمة لذلك. وراجع كتاب فرلي شو (الغرب يتراجع عن التعليم المختلط) ترجمه: وجيه عبد الرحمن.

وأكدت جملة كبيرة من الدراسات والإحصاءات الغربية، والتي قام بها جملة من التربويين؛ أن الاختلاط بين الطلاب والطالبات، يعوق التفوق الدراسي، ويضعف القدرات الذهنية، وراجع دراسة بمعهد (كيل) بألمانيا، ودراسة أجرتها جامعة (Michigan) الأمريكية، وهكذا أجرى مركز بحوث التعليم العالي بجامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة، ومركز الصحة والتنمية التابع لجامعة (Otago) نيوزيلندة. بل ألف رئيس محكمة الجنايات في أمريكا (Linds) كتاباً بعنوان: (تمرد النشء) ذكر فيه من أضرار الاختلاط: ارتكاب جملة من الجرائم من الموظفين الموظفات العاملات بمختلف القطاعات، تتراوح بين70% إلى 90%، وغير ذلك من الدراسات كثير تُرجع إلى مظانها.

   ولذلك فالمناداة بفصل الجنسين في أماكن العمل والتعليم صار له دوي؛ ولذلك أعلنت الحكومة الأمريكية في عام 2002م عن مشروع يقضي بفصل الطلاب عن الطالبات في جميع المدارس، وقامت وزارة الدفاع الأمريكي بالفصل، والحكومة البريطانية وعدت بإلغاء الأجنحة المختلطة؛ لكونه مطلباً شعبياً.

فمتى عسى عُشاق الحضارة الغربية، والشغوفون ببهرجهم الزائف، أن يحققوا أمنية الغرب في السعي للفصل بين الجنسين في شتى المجالات؟

أم أنهم لا يأخذون منهم إلا ما فيه إفساد البلاد وإضلال العباد؟

ومن أحسن الوصايا في الباب، لكل من ولاه الله على المسلمين من الوزراء والأمراء، وصية العلامة ابن القيم حيث يقول: "يجب عليه -ولي الأمر- أن يمنع اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق، والفرج، ومجامع الرجال .. فالإمام مسئول عن ذلك، والفتنة به عظيمة .. ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية -قبل الدين- لكانوا أشد شيء منعاً لذلك ا.ه.

وقد أثلج صدورنا خبر فصل الجنسين في جامعة الكويت، وفَّق الله ولاة أمورها لكل خير، وزادهم من التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يأخذ بأيدي ولاة أمورنا لكل ما فيه صلاح وإصلاح، وأن يسددنا في الأقوال والأفعال، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

                                                   وكتب

                                                  د. صلاح محمد موسى الخلاقي

18/ 9/ 2023م

                                                   1/صفر/1436هــ

23/11/2014م تمت إضافة تعديلات 18/ 9/ 2023م